مع تزايد الاهتمام بعالم التنمية البشرية و التنمية الذاتية كثرت النصائح حول أهمية التفكير الإيجابي، و ضرورة إحاطة كل جوانب حياتنا بنظرة إيجابية تجعل من القبيح جميلا، و .من السيء جيدا
لكن من يستطيع نكران أن الحياة ليست كلها بلون وردي؟
.هنا يأتي مارك مانسون بكتابه فن اللامبالاة ليحثك على أن تعيش الصدق مع نفسك، أن تعيش الصدق في مشاعرك، حتى يتسنى لك عيش حياة تخالف المألوف
تسعة خطوات لتتعلم كيف تعيش حياة تخالف المألوف
1: لا تحاول
لكي يخالف مارك مانسون المعتاد في كتب التنمية البشرية عن قصص النجاح كان لابد له أن يشارك قصة مميزة. و لهذا اختار في أول فصل من فن اللامبالاة قصة بوكوفسكي، ليس ليؤكد على قدرة هذا الأخير على النجاح رغم البؤس الذي عانى منه، و لكن ليبرز كيف أن هذه الشخصية لم تصل إلى النجاح إلا بعد أن أدرك حقيقة كونه شخصا فاشلا و توقف عن محاولة أن يكون شخصا أفضل.
.في كل محاولاتنا لنصبح أفضل مما نحن عليه يتجه تركيزنا إلى ما لسنا عليه
!كلما ركزت على أنك إنسان ناجح كلما تأكد بذلك أنك إنسان فاشل *
!كلما ركزت على أنك تملك جسدا جميلا كلما أكدت أن وزنك زائد *
هذا التركيز و الاهتمام نحو ما لا نملكه تضاعف في الآونة الاخيرة بسبب تواجدنا الدائم على مواقع التواصل الاجتماعي. حيث نشاهد مئات الصور لأشخاص ناجحين و سعداء يعيشون حياة كاملة مما يجعلنا نعاني و نشعر بالسوء تجاه واقعنا.
.وهذا ما يجعل فن اللامبالاة و عدم الإفراط في الاهتمام سبيلك للتخلص من شعور السوء كلما رأيت واقعا أفضل من واقعك
:إلا أنك لتستفيد من تطبيق اللامبالاة في حياتك لابد من 3 أمور دقيقة
.أولا: عدم الاهتمام الزائد لا يعني عدم الاكتراث مطلقا، بل أن تهتم على النحو الذي يريحك أنت
.ثانيا: حتى لا تهمك الصعاب لابد لك أولا من الاهتمام بشيء أكبر منها
. ثالثا: سواء أدركت هذا أو لم تدركه فإنك تختار دائما ما تمنحه اهتماما
.حين تفعل مبدأ -لاتحاول- فأنت بذلك ستزيل كل الأشياء العالقة في حياتك و تحتفظ بالأشياء الهامة فقط
2: السعادة مشكلة
إن طرحت عليكم سؤال: “ما الذي تريده في هذه الحياة؟”، فستكون إجابة غالبيتكم أن أكون سعيدا و أعيش في سلام. لكن هل سألت نفسك ما الذي يجعلك سعيدا؟
قبل أن أقرأ كتاب فن اللامبالاة كنت أعتقد أن وصولي لهدف ما هو ما يجعلني سعيدة، لكني فهمت الآن أن الطريق نحو هذا الهدف هو السعادة. الطريق الذي تجد فيه مشاكل فتحلها، و عوائق فتتجاوزها و بذلك تصبح سعيدا.
.فالسعادة إذا هي نتيجة فعل نقوم به و هذا الفعل هو حل المشاكل التي تعترض طريقنا
.كلما تقبلنا وجود التجارب السلبية و تعاملنا معها تعاملا إيجابيا و لم نتجنبها أو نرفضها، كلما بحثنا لها عن حل وبذلك نزداد سعادة
3: لست شخصا مميزا
.”على الأغلب الجملة التي قرئتها الآن صادمة لك، فإن كنت شخصا مهتما بمجال التنمية سيكون تكرر على مسامعك جملة مفادها: “أنت مميز
لكن مارك مانسون في هذا الفصل يفند هذه النظرية، ليس لأنك لا تستطيع أن تكون مميزا، و لكن ليجعلك تعيش واقعك بما فيه و تتقبل أنك قد لا تستحق كل ما تراه على مواقع التواصل الإجتماعي.
لطالما قرأت عن الاستحقاق و أني سأحصل على الشيء الذي اؤمن أني أستحقه. لكن في هذا الكتاب يضيف مارك أن المعنى الحقيقي للاستحقاق هو قبولك لحياتك العادية أولا، ثم رغبتك و استمرارك في تحسين نفسك في المجال الذي تريد أن تتميز فيه.
و مع أن الكاتب يشارك أمثلة على أن “رجال الأعمال اللامعون فاشلين تماما في حياتهم الشخصية…”. إلا أني أختلف معه في هذه النقطة فالأشخاص المميزون في جوانب عديدة (العمل، الصحة، العلاقات، الدين…) متواجدون، إلا أننا لا نرى تميزهم إلا في المجال الذي نريد رؤيته نحن و نسعى للوصول إليه.
.و لنحقق هذا المسعى لابد من تقدير الأمور العادية اليومية التي نقوم بها (و التي قد يظهر أن المتميزون لا يقومون بها) كالإستمتاع بصداقاتنا أو التنزه أو قراءة كتاب
.مهما بدت هذه الأشياء بسيطة وعادية إلا أنها الطريق نحو التميز
4: قيمة المعاناة
.يعود مارك مانسون في هذا الفصل إلى الحديث عن حل المشاكل باعتبارها طريقا للسعادة، لكن هذه المرة من زاوية تحديد القيم التي تدفعنا للبحث عن الحل
في آخر مقالة نشرتها على مدونتي الشخصية تحدثت عن القيم و كيف تكون مرتبطة بالأهداف و تحققها. إلا أننا في كتاب فن اللامبالاة سنكتشف المفهوم الجديد للقيم المرتبط بتطوير الذات. فهي ستمنحك القدرة على اختيار أشياء أفضل تمنحها اهتمامك و ستركز على الجانب الإيجابي من مشاكلك. لأنك في كل مشكلة ستبحث عن القيمة وراء حلها.
.مع أن هذه القيم قد تبدو خارجة عن المألوف إلا أنها ما سيجعل حياتك أفضل
5: أنت في خيار دائم
أولى خطوات التغيير هو تحمل المسؤولية. هذه هي الجملة التي ستريد أن تبدأ بها حياة خارج المألوف. ففي اللحظة التي تعتبر فيها نفسك المسؤول الأول عما يحدث حولك ستستطيع بذلك تغيير ما لم يعجبك.
:بالطبع قد تقع في أحداث ربما لن تكون المسؤول المباشر عنها، لكنك ستتحمل نتيجة رد فعلك تجاه تلك الأحداث، وتذكر القاعدة
النتيجة = الحدث + ردة الفعل
ليصبح السؤال الحقيقي: ما الذي تختار أن توليه اهتمامك حتى تتحمل مسؤوليته؟
و ما هي القيم التي تختارها لكي تسند أفعالك إليها؟
.إن أردت أن تمشي في مسار التغيير، فكما أنك تحب تحمل المسؤولية عن النجاح و السعادة، لابد لك أن تتحمل مسؤولية مشاكلك فهذا هو المكان الذي يأتي منه التطور الحقيقي
صراحة من الصعب نوعا ما أن نتحمل مسؤولية المعاناة والمأساة التي قد نتعرض اليها في هذه الحياة، لكن مادمنا نملك حرية اختيار قيمنا فبدل أن نتجه صوب قيم اللوم و الشك و لعب دور الضحية سنختار الصدق و القبول و الشفافية.
.ينصحنا مارك مانسون في نهاية هذا الفصل أن لا نسأل عن كيفية تطبيق هذه التوجيهات لأن الجواب سيتجلى خطوة بخطوة أثناء تغييرنا لقيمنا القديمة
6: أنت مخطئ في كل شيء (وأنا كذلك)
مايكل جوردن
< p class=”has-text-align-right”>< p class=”has-text-align-right”>أعتقد أنه من ميزات قراءة السير الذاتية للأشخاص الناجحين هو معرفة عدد الأخطاء التي وقعوا فيها قبل أن يصلوا إلى النجاح. وهذا ما يشجعنا على تقبل الأخطاء في مسارنا أو بالأحرى الرغبة في الخطأ، لأنه هو ما سيعلمنا كيف ننتقل إلى المرحلة القادمة مما نريده.
لكن الجزئية المهمة التي أتفق فيها مع الكاتب أن أي هدف أو شيء لم يتحقق فهو قابل للجدال، قابل للصواب والخطأ، وهذا ما سيدفعنا لتقبل نواقص وعيوب قيمنا حتى تنمو و تتطور.
هذه النظرة المتضادة لقيمنا تجعلنا منفتحين على الآخرين وآرائهم دون إصدار أحكام مسبقة عليهم. و أيضا ترجعنا إلى مسألة التخلص من معتقد “أنا شخص مميز و أستحق المزيد”، و توجهنا نحو وضع أفكارنا و معتقداتنا موضع شك وتساؤل.
:إليك بعض الأسئلة المقترحة من الكاتب لتدرس قراراتك
السؤال الأول: ماذا لو كنت مخطئا؟
السؤال الثاني: إن كنت مخطئا فما معنى هذا؟
السؤال الثالث: هل يؤدي كوني مخطئا إلى خلق مشكلة أفضل لي وللآخرين أم مشكلة أسوأ منها؟
.الملاحظة التي أود إضافتها أننا هنا نتحدث عن الشك الايجابي فيما تفعله أو تريد فعله. و قد لا أتفق مع الكاتب في حديثه المطول عن عدم اليقين حتى تحس بالراحة
!من المهم معرفة أين و مع من ترفع هذا اليقين
7: الفشل طريق التقدم
كما أن توقعك للخطأ يدفعك للتطور المستمر، فالفشل أيضا أحد دعائم النجاح المستمر. فحجم نجاحك معتمد على عدد مرات فشلك. إلا أني أعتقد أن غالبيتنا جعل من الفشل عدوا له بدل أن يكون صديقا فلطالما حذرنا أساتذتنا و أهالينا من أن نفشل
يدعوك الكاتب هنا إلى أن تتذوق ألم الفشل و تستمتع به، لأن المشاعر التي تتولد من هذا الألم كالخوف و القلق و الحزن ما هي إلا محفزات لنموك النفسي والانفعالي. و مع أن هذا يبدو صعبا إلا أن البدايات البسيطة دائما ما تجعل الصعب سهلا.
.فكلما وجدت نفسك أمام عمل صعب إسأل نفسك: ما هي أسهل خطوة بإمكاني أن أقوم بها و أبدء بها؟ فهذه الخطوة السهلة ستولد لديك التحفيز لمواجهة الصعاب
.تقبل أن الفشل ليس سوى دفعة إلى الأما.
8: أهمية قول لا
يقول الكاتب مارك مانسون في فن اللامبالاة: ” إن السفر أداة رائعة لتطوير الذات لأنها تنتزعك من قيم ثقافتك و يجعلك ترى أن هناك مجتمعا
.”…آخر يستطيع أن يعيش بقيم مختلفة
لهذا يشاركنا في هذا الفصل التأثير البالغ لرحلته إلى روسيا. حيث تغير مجرى علاقاته و قراراته و تأكد لديه أن الرفض يجعل حياتك أفضل. مع أننا نسمع أو نتلقى النصيحة بقبول كل الفرص التي تعترض طريقنا. إلا أن الكاتب هنا يحثك على مقارنة الأشياء فيما بينها، حتى يتسنى لنا قبول ما هو أفضل و رفض ما هو أقل منه.
!أن ترفض علاقة لا تجعلك سعيدا
!أن ترفض عملا لا ترى فيه نفسك
!أن ترفض مكالمة تستنزف طاقتك
.كلما ازداد وعيك بضرورة قول لا كلما جعلت لنفسك حدودا خاصة و احترمت أيضا حدود الآخرين
.فيتسنى لك بذلك أن تختار متى تقبل بدخول شخص ما إلى حياتك و متى ترفض دخوله
9: وبعد ذلك تموت
كأشخاص مسلمين لا ينكر أحد منا تقبله لفكرة الموت، لكن من النادر حقا أن تجد شخصا يعتبر الموت ذلك الضوء الذي يقاس به معنى الحياة. فحين تؤمن أنك لست كائنا خالدا في هذه الحياة ستتعلم كيف تبعد نفسك عن القيم السطحية و التافهة، بل ستكون دائم التساؤل:
ما هو الأثر الذي سأتركه بعد وفاتي؟
:حكمتي من كتاب فن اللامبالاة
قراءة كتاب فن اللامبالاة لا تجعلك غير مبالي بما حولك و لكنها تجعلك مباليا بما هو مهم حقا في حياتك. هذا الشيء المهم هو الذي ستبدأ نحوه بخطوات بسيطة، و قد ترفض في طريقك إليه مغريات كثيرة لكن تأكد أنك كلما سعيت نحوه بحب ستترك أثرا حميدا لك حتى بعد موتك.