إن الاقتصاد من أكثر العلوم التي يبتعد الناس عن الخوض فيها، أو القراءة عنها؛ نظرًا لشعورهم بكونه علمًا معقدًا لا يمكن فهمه إلا عن طريق دارسيه؛ لذا فهم يختصرون الأمر، ويبتعدون عن القراءات الاقتصادية تمامًا، ولا ننكر أن هذا النفور له ما يبرره؛ حيث أن كثيرًا من الكتب الاقتصادية معقدة وموجهة للمتخصصين، دون أخذ الأفراد العاديين – ممن يريدون تنمية ثقافتهم الاقتصادية – في الاعتبار، وحتى الكتب التي حاول كُتّابها جعلها مفهومة لغير المتخصصين، فقد خرج كثير منها في شكل نظري بحت، يصيب القاريء بالملل، ولكن لحسن الحظ، فإن الصورة ليست داكنة بالكامل؛ فهناك العديد من الكتب الاقتصادية التي نجح كُتّابها في جعلها بسيطة وسهلة، وأيضًا مثيرة ومشوقة، ويمكنك الإطلاع على بعض هذه الكتب من هنا (اللينك).
ما هي الفائدة التي ستعود علينا من اكتساب الثقافة الاقتصادية؟
إن تمتعك بالثقافة الاقتصادية يمنحك القدرة على إدراك السياسة العامة لبلدك، وتقرير ما إذا كانت سياستها الاقتصادية سليمة أم لا، وما إذا كان اقتراضها من الهيئات الاقتصادية الدولية كالبنك الدولي أمرًا محمودًا، بهدف إقامة المشاريع، وتحقيق التنمية الاقتصادية، أم أنه تصرف غير حكيم تترتب عليه آثارًا سلبيةَ تتخطى حجم المنافع التي حُقِقَت؛ كأن يتم فرض سياسات اقتصادية معينة على البلاد المستدينة تتعارض مع مصالحها، أو تزيد من صعوبة الحياة على مواطنيها، كما أن فوائد تلك القروض باهظة للغاية، وبعد مرور عدة سنوات يتضاعف حجم الدين بشكل هائل لا يتناسب مع مقدار ما استدانته الدولة من البداية، هذا بخلاف أن تلك القروض قد لا يتم صرفها على التنمية من الأساس، بل قد تتم سرقتها كما يحدث في الأنظمة الفاسدة التي تقيم مشروعات وهمية تخدع بها شعوبها، بينما تستولي على أموالها في الخفاء، وهكذا يحيا الشعب في الوهم حتى يفيق على خطر الإفلاس!؛
لذا فالتمتع بالثقافة الاقتصادية يحميك من السقوط في فخ خدع الحكومات الفاسدة، كما أنه يساعدك على استثمار أموالك، وإدارتها بأسلوب علمي سليم محسوب النتائج؛ مما يقلل من خطر التعرض للخسائر الفادحة أو النصب أو الاحتيال. وهكذا نرى أن اكتساب الثقافة الاقتصادية أمر ضروري وحيوي، سواء على المستوى الشخصي، أو على المستوى العام.
ما هي الموضوعات التي يمكننا تعلمها وفهمها من خلال التبحر في علم الاقتصاد؟
هناك العديد من الموضوعات التي ستتعرف عليها من خلال القراءة في الاقتصاد، والتي ستكتشف – مع مرور الوقت – مدى أهميتها، وضرورتها؛ لمساعدتك على فهم كيفية سير العالم من حولك؛ فمثلًا يمكنك التعرف على ماهية الرأسمالية، والقواعد الأساسية التي ترتكز عليها، ومراحل تطورها، ومدى اختلافها عن الاشتراكية، وسر العداء الكبير بينهما، وموقف الإسلام من كل منهما، كما يمكنك التعرف على الخصخصة، وعما إذا كان مفهوم الخصخصة يقتصر على تحويل الملكيات العامة لملكيات خاصة، أم أن الأمر أكبر من ذلك؟ وهل هي إجراء جيد يساعد على تحسين الخدمات والسلع، وتوفير فرص العمل، وتنمية الاقتصاد كما يقول مؤيدوها، أم أنها – كما يزعم معارضوها – تقوم بتعسير الحياة على المواطن؛ نظرًا لكونها تحرمه من الدعم الذي يحتاجه من حكومته، والذي يتوفر في القطاع العام؟.
ويمكنك – أيضًا – من خلال الاقتصاد، أن تفهم كيف حدثت الأزمة المالية العالمية؟ وكيف أوشك العالم على الانهيار بسببها؟ وكيف تتحكم السياسة ووسائل الإعلام في الاقتصاد؟ وما هي العملات الالكترونية (البيتكوين )؟ وهل من الممكن استبدال العملات النقدية بتلك العملات الرقمية في المستقبل؟ وما معنى تعويم العملة؟ وما هي أضراره، ومنافعه؟ وما هي البورصة، وفنون المضاربة فيها؟ كما يمكنك الاطلاع على موضوعات الاقتصاد المرتبطة بالفقه الإسلامي، كالمصارف الإسلامية، وكيفية عملها، ولماذا تم تحريم التعامل مع المصارف الربوية؟ ولماذا لا تعتبر أرباحها وكأنها أرباح شراكة في مشروع تجاري؟ وهل يحل للتاجر تحقيق أرباح غير محدودة من بيع السلع، أم أنه يجب عليه الالتزام بمقدار ربح لا يزيد عن نسبة معينة من سعر السلعة؟ كل هذا وأكثر تتعرف عليه من خلال كتب الاقتصاد؛ فهل أدركت الآن مدى أهمية الأمر؛ فالاقتصاد يتدخل في كل مناحي حياتنا؛ حتى الحلال والحرام.
كيف تتغلب على هذا النفور ؟
١- استعن بالكتب الاقتصادية المبسطة والصالحة للمبتدئين، والتي ستساعدك على بناء قاعدة علمية اقتصادية، قد تؤهلك
لقراءة كتب أكثر تعقيدًا.
٢- وإذا لم تستطع فهم الكتب المعقدة، أو مللت منها؛ فيمكنك الاستعانة بملخصات الكتب التي ستيسر عليك الأمر كثيرًا؛ فالملخص يُظهِر أهم الأفكار الأساسية في الكتاب بأسلوب مبسط ومختصر، وموفر للوقت والجهد، كما يمكنك استخدام الملخصات لتتغلب على خوف وارتباك البدايات، قبل أن تبحر في علم الاقتصاد، أو كما يقال في الانجليزية “To Break The Ice”، ونحن نوفر لك في تطبيق (إنجز كتاب ) مئات الملخصات التي تنتمي لشتى مجالات المعرفة، ومن أهمها الاقتصاد بالطبع.
٣- حضور الندوات والمحاضرات التي تناقش موضوعات اقتصادية، وإذا لم تستطع ذلك؛ فيمكنك متابعة الصفحات المختصة بالاقتصاد على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل صفحة (اقتصاديات )، وصفحة (دار الاقتصاد )، وصفحة (الحقيبه الاقتصاديه )، وغيرها، والتي تنشر العديد من المقالات الاقتصادية المفيدة بأسلوب سهل وبسيط.
٤- المشاركة مع عدة أشخاص في قراءة ومناقشة الكتب الاقتصادية، وهذه الطريقة ستشجعك على القراءة، وستنشط عقلك من خلال اقتباسات ومقاطع الكتاب التي ينشرها الآخرين أثناء فترة القراءة، وستتيح لك الفرصة للسؤال عما يستعصي عليك فهمه؛ لتشارك الآخرين في محاولة فك شفرته، وفي النهاية ستناقش الكتاب معهم، وهذا سيعطيك صورة نهائية شاملة عن الكتاب؛ فتصبح ملمًا بمقاصده الأساسية، حتى لو لم تفهمه بالكامل. ومن المجموعات التي تهتم بهذا الأمر، وتطبقه بحرفية مجموعة (متكسلش تناقش ) على Facebook؛ حيث يصوتون على قراءة كتاب معين لفترة من الزمن، مع تحديد موعد مناقشته في نهاية تلك الفترة، وتتنوع تلك الكتب بين سياسة واقتصاد ودين وغيرها.
٥- مشاهدة الأفلام الوثائقية التي تتناول موضوعات اقتصادية، مثل فيلم (القتلة الاقتصاديون )، و(عقيدة الصدمة )، وأغلب تلك الأفلام يكون مأخوذًا من كتب اقتصادية، وهكذا فهي تعد وسيلة ممتعة لقراءة الكتب، ولا احتاج لذكر مدى فائدة تلك الأفلام في تبسيط المعلومات، وتثبيتها في العقل.
والآن، بعد أن ناقشنا سبب نفور الناس من الاقتصاد، وتعرفنا على مدى أهمية التمتع بالثقافة الاقتصادية، ووضحنا الخطوات التي يمكن من خلالها التغلب على هذا النفور؛ فإن الأمر كله قد أصبح بين يديك؛ فلا جدوى من المعرفة دون تنفيذ، وفي النهاية، إعلم أن كل شيء يبدو في بدايته صعبًا، ولكن مع بذل الجهد والوقت؛ فستتغلب على كل المعوقات، وستتيسر لك كل الأمور.
يمكنك قراءة اشهر الكتب الاقتصادية من سلسلة أفضل و أهم الكتب التي نعدها باستمرار في المجالات المختلفة
المصادر: ويكيبيديا، goodreads.
Like this:
Like Loading...
مقالات مشابهة لما قرأت