القراءة والنسيان: ٧ نصائح لكيفية تقوية الذاكرة بعد القراءة لكي تستفيد اكثر مما قرأت؟

كثيرًا من الأشخاص يعانون من كثرة النسيان بعد القراءة؛ حيث تقرأ الكتاب، وتظل المعلومات حاضرة في ذهنك لفترة ما، قد تكون أسابيع أو أيام أو حتى ساعات، ثم تبدأ المعلومات في التسرب واحدة تلو الأخرى كذرات الرمل في الساعة الرملية؛ حتى لا يتبقى إلا بضع معلومات عامة، وقد تنسى تلك أيضًا إذا كان موضوع الكتاب معقدًا كالنظرية النسبية الحديثة، أو غير مألوف كتاريخ قبائل الكايابو، وهذا النسيان مزعج للغاية، ويشعرك بضياع وقتك وحياتك عبثًا. إذًا كيف تتغلب على هذه المشكلة؛ لتتمكن من تذكر ما تقرأ و تقوي ذاكرتك في استرجاع تلك المعلومات، أو على الأقل تذكر قدرًا كبيرًا منه؟ إليك سبع طرق توصلت إليها بعد بحث مضني لحل هذه المشكلة التي دائمًا ما عانيت منها، وهذا ما وجدته:-

أولًا: تقوية الذاكرة بكتابة الأفكار الأساسية في الكتاب

أثناء قراءتك للكتاب، أعمل على تدوين الأفكار الرئيسية فيه؛ فمثلًا لو كان الكتاب سيرة ذاتية؛ فقم بكتابة الأحداث المحورية البارزة فيها، دون الخوض في التفاصيل، وهكذا يمكنك العودة إليها لاحقًا؛ لتتذكر أهم المحطات المؤثرة في حياة صاحب هذه السيرة، أما لو كان الكتاب سياسيًا أو اقتصاديًا أو فلسفيًا أو دينيًا أو خلاف ذلك؛ فيمكنك كتابة نبذة مختصرة عن أهم الأفكار التي يناقشها، والأسئلة التي يطرحها، ويجيب عليها، وهكذا لو عدت لقراءة تلك الملاحظات؛ فستتذكر رسالة الكتاب، ومحتواه.

ثانيًا: كن قارئًا إيجابيًا لا سلبيًا

فالقارئ الإيجابي هو القاريء النشط الذي يبدأ قراءة الكتاب دون أحكام مسبقة، ويُقبِل على ما فيه دون تحفز، أو رفض مسبق، أو تقديس مبالغ فيه للكاتب، وكأنه لا ينطق عن الهوى، بل يقرأ وجهة نظر الكاتب بحيادية، ويفكر فيها، ويبحث عن مواضع الصواب والخطأ فيها، ثم يكون وجهة نظره الشخصية التي قد تتفق أو تختلف – كليًا أو جزئيًا – مع الكاتب، وهذه المناقشة الفكرية المحتدمة في عقله ستُثَبِت الأفكار داخله، وستُصَعِب من عملية النسيان. كما يقوم القاريء الإيجابي بالبحث عن تفسير النقاط التي يستعصي عليه فهمها، والكلمات التي لا يدرك معناها، وهذا أصبح أمرًا سهلًا في عصر الأنترنت، وكلما بذل الإنسان جهدًا أكبر في فهم وتفسير فكرة ما، كلما ثَبُتَت تلك الفكرة في عقله أكثر. ومن الجدير بالذكر، أن هناك بعض الكلمات والجمل التي تعمل كمعول هدم للجدار الذي يحجب الذكرى؛ لذا يُفَضَل أن تقوم بتظليل العبارات البليغة والجمل المحورية في الكتاب، أو كتابتها في ورقة خارجية، إذا كنت ممن يكرهون الكتابة في الكتب، وعند إعادة قراءة تلك الجمل في المستقبل؛ فربما تساعدك على التذكر؛ لذا كن قارئًا إيجابيًا نشطًا لا سلبيًا كسولًا سارحًا، تمر عليه الكلمات مرور الكرام، فينتبه إلى بعضها، ويغفل عن الآخرى، وكنتيجة طبيعية لذلك؛ فإنه ينسى كل ما يقرأ.

ثالثًا: المشاركة في الندوات والصالونات الأدبية، ومناقشات الكتب مع أشخاص آخرين

مناقشة موضوع الكتاب مع أشخاص آخرين له تأثير سحري على تثبيت معلوماته؛ لذا فوجود صديق يقرأ ما تقرأه من كتب، ويناقشك فيها نعمة كبيرة، وإذا لم تكن تمتلك هذا الصديق، وإذا لم تكن لديك الفرصة للذهاب إلى الصالونات الأدبية والندوات الثقافية الفعلية على أرض الواقع؛ فيمكنك بالطبع اللجوء للعالم الافتراضي الذي يحوي آلاف الندوات والصالونات الأدبية في مواقع تقييم الكتب مثل (أبجد ) أو (الجودريدز goodreads )، أو في مجموعات القراءة ومحبي الكتب التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يمكنك من خلالها العثور بسهولة على بضع أفراد، ممن قرأوا الكتاب، ومناقشته معهم.

رابعًا: مشاهدة صور عن الموضوع سواء صور أماكن أو أشخاص أو رسوم بيانية

فـ”الصور هي مفاتيح نلتقطها؛ لتفتح لنا أبوابًا في الذاكرة قد أغلقها النسيان ” كما تقول (بشاير الشيباني )، وهكذا فإذا رأيت الصور الخاصة بحدث ما؛ فهذا يُثَبِت المعلومات التي قرأتها عنه، ويُسَهِل من عملية تذكرها، ويا حبذا لو زرت الأماكن التي وقع فيها هذا الحدث؛ فهناك فرق كبير بين أن تكتفي بالقراءة عن مذبحة القلعة – مثلًا – ، وبين أن تزور القلعة بنفسك، أو تشاهد صورها؛ لتتخيل الأحداث كلٌ في مكانه؛ فهنا جمع (محمد علي ) المماليك، وهنا حاصرهم، وقتلهم، ومن فوق هذا السور قفز (أمين بك ) الناجي الوحيد من المذبحة، وبجوار هذا السور مات حصانه أثر القفزة، وهكذا تعيش الأمر، وكأنك عاصرته، أو شاهدته كمسرحية مكتملة التفاصيل، وهذا كله يجعل الأحداث عصية على النسيان.

خامسًا: كتابة مراجعة عن الكتاب

من المفيد كثيرًا أن تكتب مراجعة عن الكتاب بعد الإنتهاء من قراءته، وهذه المراجعة قد تحوي ملخص، ونبذة بسيطة عن الكتاب، وأفكاره، وما يطرحه من أسئلة، والإجابات التي يقدمها، وانطباعك عنه، ومميزات الكتاب، وسلبياته، ومدى مصداقيته، وجودة أسلوبه، ورجوعك لتلك المراجعة – فيما بعد – سيساعدك بشكل كبير على تذكر محتوى الكتاب.

سادسًا: قراءة أكثر من كتاب عن الموضوع

وهذا أمر مفيد للجميع سواء ذوي الذاكرة القوية أو الضعيفة؛ لأن قراءة أكثر من كتاب عن نفس الموضوع يعطينا صورة شبه كاملة عنه – خاصةً – إذا كانت تلك الكتب تنتمي لتيارات مختلفة، وتحمل وجهات نظر متضادة، وهكذا بإمكانك وضع حجج كل طرف أمامك، وتصنيفها؛ أيها مقنع، وأيها ضعيف؛ لتُكَوِن – في النهاية – وجهة نظرك الخاصة عن الموضوع اعتمادًا على المعطيات التي لديك؛ فعلى سبيل المثال إذا كنت تريد القراءة عن فترة حكم (جمال عبد الناصر )؛ فيُفَضَل أن تقرأ كتبه التي يوضح فيها أفكاره، ككتاب (فلسفة الثورة )، وكتب مؤيديه كـ(هيكل )، وكتب معارضيه كـ(محمد نجيب ) و(مصطفى محمود ) و(الأخوان المسلمين )، وكتب من حاولوا الوقوف على الحياد كـ(جلال أمين )، وبهذه الطريقة ستصبح ملمًا – بشكل ممتاز – بتلك الحقبة، وأحداثها، وتفسير غموضها، بالإضافة إلى أن كثرة القراءة عن الموضوع ستثبت معلوماته في الذاكرة، وتجعلها عصية على النسيان لفترات طويلة.

سابعًا: قراءة ملخصات الكتب

من المفيد أن تقرأ ملخصًا للكتاب بعد انتهائك من قراءة الكتاب ذاته؛ فالمُلَخَص يعبر عن رؤية وفهم شخص آخر – هو المُلَخِص – للكتاب، وهكذا فبقراءتك له، فكأنك تناقش صديقًا في الكتاب، كما أن المُلَخَص قد يلفت نظرك لأمور لم تلاحظها، أو يوضح أمورًا كانت غامضة بالنسبة لك، كما يعتبر المُلَخَص خاتمة جيدة تؤكد وتُثَبِت الأفكار الأساسية التي يدور حولها الكتاب. ويمكنك الاستعانة بالملخصات؛ لتنفيذ الطريقة السادسة سابقة الذكر؛ أي “قراءة أكثر من كتاب حول الموضوع “؛ فإذا كان وقتك ضيقًا، ولا تملك أن تقرأ عدة كتب في نفس الموضوع، فيمكنك – بدلًا من ذلك – أن تقرأ ملخصات تلك الكتب؛ مما سيوفر عليك الكثير من الوقت. والملخصات يجب أن تكون أمينة ومعبرة عن وجهة نظر الكاتب بحيادية، دون تدخل أو نقد من المُلَخِص، وهذا ما نراعيه في ملخصاتنا في تطبيق “إنجز كتاب” ، الذي يقدم لك مئات الملخصات في مختلف المجالات؛ الثقافية والسياسية والاقتصادية والدينية والفلسفية وغيرها، بشكل موجز ومبسط وشامل في نفس الوقت. وفي النهاية، ربما لن تستطيع تنفيذ كل الطرق السابقة على كل كتاب تقرأه، وهذا ليس مطلوبًا منك، بل يكفيك الاستعانة بما تراه مناسبًا من تلك الطرق؛ لمساعدتك على تحسين قدرتك على تذكر قراءاتك، وأثناء محاولة ذلك، تذكر أن النسيان جزء أساسي في الطبيعة البشرية، حتى أن الكوفيين كانوا يرون أن لفظ “إنسان ” قد جاء من النسيان؛ لذا فلا تبتأس بذاكرتك الضعيفة، وقم بما في استطاعتك؛ لتقويتها، وتنشيطها، وتوكل على الله؛ “فإن الله لا يضيع أجر المحسنين “.